باي باي صندوق النقد؟ -- May 12 , 2025 10
رغم الأجواء الإيجابية التي تمّ ترويجها حول النتائج التي انتهت اليها محادثات الوفد اللبناني في واشنطن مع مسؤولي صندوق النقد الدولي خلال اجتماعات الربيع، إلا أن النقطة التي تجنّبها الجميع هي تلك المتعلقة بموقف الصندوق حيال دور الدولة في تسديد ديونها ضمن خطة إعادة الودائع.
وفي المعلومات، أن مسؤولي الصندوق، ورغم تطرية مواقفهم حيال هذه المسألة الحسّاسة بالنسبة إلى اللبنانيين، إلا أنهم لا يزالون يصرون على محدودية ما يمكن أن تسدّده الدولة من أموال في عملية معالجة أزمة الودائع. ولا تزال إدارة الصندوق تتعاطى مع هذه القضية على اعتبار أن المطلوب مساهمة الدولة في إعادة رسملة محدودة لمصرفها المركزي. وهذا يعني أن الصندوق لا يزال يعتبر أن الرقم الذي تمّ إيراده في مشروع الحكومة السابقة (2.5 مليار دولار) مقبولاً، أو في أحسن الأحوال يمكن رفعه قليلاً، إذا ما تبيّن أن قدرة الاقتصاد باتت أفضل، بحيث أن واردات الخزينة ستكون أعلى من التقديرات السابقة.
هذه الحقيقة أقلقت بعض من شارك في المحادثات، أو حتى بعض الأشخاص الذين لم يكونوا في عداد الوفد اللبناني المدعو إلى واشنطن، لكن علاقاتهم سمحت لهم بلقاء مسؤولين في الصندوق، واطلعوا على هذا الثبات في موقف إدارته حيال مسألة مساهمة الدولة في عملية دفع الودائع. هذا التعنّت، كما أسماه أحد المطلعين على حقيقة موقف الصندوق، يعني أن المفاوضات مع السلطات اللبنانية لن تصل إلى نتيجة، وستضطر الدولة إلى قول "باي باي صندوق نقد".
إذا سلّمنا جدلاً بأن مسألة الودائع ستعرقل الاتفاق مع الصندوق، واذا سلّمنا جدلاً بأن اسوأ ما قد يحصل للبلد هو استمرار الوضع على ما هو عليه، لأن الاموال لن تتدفق إلى لبنان، قبل الاتفاق مع الصندوق، يصبح السؤال: ما الحل؟
مبدئياً، ربطت دول العالم، بما فيها دول الخليج العربي، كل أنواع المساعدات الاقتصادية للبنان بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، يمكن الوصول إلى حلٍ من اثنين، عبر مسلكٍ واحد يقود إليهما: الحصول على ضمانة أميركية.
وبرأي من يدعم هذا التوجّه، تستطيع واشنطن، اذا أرادت، إما أن تضغط على صندوق النقد لتليين موقفه حيال أزمة المودعين، وإما أن تدفع دول العالم، إلى "العودة" إلى لبنان من دون اتفاق مع الصندوق. وفي الحالتين، الطريق إلى "قلب" واشنطن للقيام بهذه المهمة، يمر عبر تطبيق القرارات الدولية في أسرع وقت ممكن، لتنفيذ مسألة حصرية السلاح في يد الدولة. وإذا ما تحركت السلطات اللبنانية، بسرعة وحزم لتطبيق قراراتٍ اتخذتها، ولا عودة عنها، كما يؤكد المسؤولون اللبنانيون أنفسهم، وفي مقدمهم رئيس الجمهورية، الذي يكرّر هذا الأمر في كل مناسبة، فهذا يعني أن الفوز بقلب واشنطن مُتاح، وهو في يد الدولة اللبنانية التي لم تحدّد بعد جدولاً زمنياً لتنفيذ قرارها.
إذا نفذ لبنان قرار حصرية السلاح في يد الدولة، يستطيع أن يتوقع ليونة أكبر في موضوع الودائع من قبل صندوق النقد. وفي هذه الحالة، تسقط مقولة "باي باي صندوق نقد"، ويصبح إنقاذ الودائع مُتاحاً أكثر.
أنطون فرح -نداء الوطن